إختيار المحررالعرض في الرئيسةتحليلات

السعودية تغرق في المستنقع اليمني

يمنات – روسيا اليوم

محمد الأحمد

أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن بلاده لن توقف عملياتها العسكرية إلا بعودة الشرعية إلى اليمن، سواء أكان ذلك سلما أم حربا.

و رفض الوزير السعودي الإقرار بأن بلاده غرقت في مستنقع لن تتمكن من الخروج منه بسهولة.

تصريحات وزير الخارجية السعودية، بقدرٍ ما، تعكس رؤية بلاده للحرب في اليمن، باعتبارها معركة وجود، وخصوصا أنه أكد أن الحرب لن تتوقف إلا بعودة الشرعية بالقوة أو بالسلم. و في ضوء رفض الطرف الآخر المتمثل بالحوثيين و الرئيس السابق علي عبد الله صالح لهذا الأمر، فإن تصريحات الجبير تشير إلى أن الحرب في اليمن لن تتوقف قريبا، وأننا أمام زمن قد يطول من الاقتتال والدمار.

بعد نحو شهر من الآن سيكتمل عام على بدء العمليات العسكرية للتحالف العربي في اليمن بقيادة السعودية؛ وهي الحرب، التي كان المتشائمون يتوقعون ألا يزيد أمدها عن ستة أشهر. وقد كلفت الرياض مليارات الدولارات، وزاد من كلفتها الانخفاض الكبير في أسعار النفط، والصراع الإقليمي مع إيران و الشحن الطائفي، الذي وصلت شظاياه إلى داخل المملكة نفسها.

أما اليمنيون الذين يدفعون ثمنا باهظا للحرب، فيعيشون على أمل انتهاء القتال وعودة السلام. غير أن ما صدر عن الجبير، و بعد يومين من رفض الرئيس السابق الصريح الاعتراف بشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي؛ كل ذلك يبدد الآمال، التي علقوها على جهود المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، و لا سيما أن اليمنيين يدركون أن استمرار الحرب لا يعني أن أحد الأطراف سيتمكن من الانتصار، حتى و إن وصلت قوات الرئيس هادي إلى صنعاء.

بيد أن ما لا يمكن إنكاره هو أن اليمن مستنقع حقيقي دخلته مصر في الستينات، وضحت بحياة أكثر من ثمانية آلاف جندي قبل أن تضطر إلى مغادرته متأثرة بهزيمة الـ67. كما أن السعودية عملت منذ ذلك الحين على ضمان استمرار نفوذها في البلاد، و عدم الوقوع في هذا الفخ مجددا عن طريق شراء ولاءات زعماء القبائل و النخب السياسية، قبل أن تستفيق على واقع آخر بسقوط العاصمة و معظم مناطق البلاد بيد خصم غير متوقع، كما أفاقت من وهم أن الرئيس السابق صالح حليف وثيق لها.

و اليوم، وقد تحولت كل مناطق البلاد إلى جبهات قتال بين القوات التابعة للرئيس هادي و المدعومة بقوات التحالف، و الحوثيين و قوات الرئيس السابق، فإن تنامي الجماعات الإرهابية ربما يشكل الحافز الأكبر لدى الدول الكبرى للضغط باتجاه وقف القتال، و العودة إلى مباحثات السلام، و هذا ما يمكن إدراكه من بيان مجلس الأمن الدولي، الذي صدر البارحة بإجماع أعضائه، و طالب جميع الأطراف باستئناف المباحثات في أسرع وقت، و الانخراط فيها من دون شروط مسبقة، وفقا للمبادرة الخليجية و آليتها التنفيذية و مخرجات مؤتمر الحوار الوطني و قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

المجلس الأممي طالب بالتنفيذ الكامل لقراره رقم 2216، و الالتزام بالتعهدات المعلنة خلال جولة المباحثات، التي جرت في ديسمبر/كانون الأول الماضي؛ و هي أمور يرفضها الحوثيون و الرئيس السابق الصالح، ما يعني أن الضغوط الدولية لم تصل بعد إلى مستوى التأثير على مواقف المتحاربين، و أن الجولة المرتقبة للحوار لن تكون أفضل حالا من الجولات السابقة، و أنها ستكون نسخة مكررة من المحادثات السورية.

و قد وصف مجلس الأمن الأزمة الإنسانية في اليمن بأنها الأكبر في العالم من حيث عدد المحتاجين إلى مساعدة و إغاثة، و طالب بعدم إعاقة وصول المساعدات واتخاذ إجراءات و احتياطات للتقليل من الخسائر في صفوف المدنيين و المنشآت المدنية، كما أكد ضرورة وقف تجنيد الأطفال، لكنه لم يقل ماذا سيفعل في سبيل التخفيف من هذه المعاناة أو و من أجل ضع حد لها!

زر الذهاب إلى الأعلى